فصل: مسألة حبس في مرضه فقال على ولدي وولد ولدي وترك زوجه وأمه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة لا يحوز للصغير ما وهبه إلا الأب والوصي:

قال ابن القاسم: ومن تصدق على صغير أو سفيه أو أحد ممن تولى عليه بصدقة من أم أو أخ أو قريب أو بعيد فحاز ذلك له وأشهد عليه فإن ذلك باطل لا يجوز إلا أن يكون وصيا فيكون حوزه له حوزا أو يضعه له على يدي غيره ويبينها عن نفسه فيكون لهم حوزا جائزا ماضيا، وليس ينزل أحد بمنزلة الأب في هذا إلا من يلي السفيه ممن يوصي إليه، فالوصي في ذلك بمنزلة الأب في الحوز لهم والقيام بصدقاتهم ثم يكون حائزا لهم ماضيا عليهم. قال محمد بن رشد: هذا هو المشهور في المذهب المعلوم من مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك أنه لا يحوز للرجل ما وهبه إلا أب أو وصي، وفي رسم الأقضية من سماع يحيى من كتاب الصدقات والهبات من قول ابن وهب إنه لا يحوز للصغير ما وهبه إلا الأب والوصي، والأم إذا كان يتيما في حجرها وإن لم يكن موصا إليها بمنزلة الوصي، والأجداد بمنزلة الأب إذا لم يكن أب وكان في حجر الجد يليه، والجدات بمنزلة الأم إذا لم تكن أم وكان في حجر الجدة تليه، قال: وأما من سوى هؤلاء فلا يكون حوزه حوزا للصغير إلا أن يبرأ به إلى رجل يليه للصغير.
وفي سماع عبد الملك من كتاب الوصايا أن كل من ولي يتيما من قريب أو بعيد فإنه يحوز له ما وهب له، ومثله من بيده اللقيط، ورواه ابن غانم عن مالك، ونحوه في كتاب القسمة من المدونة أن الرجل تجوز مقاسمته على من التقطه، وأنزل في النكاح الأول من المدونة الحاضن والمربي للجارية في حياة الأب بمنزلة وكيل الأب، فرأى تزويجه إياها جائزا عليها بغير إذنها.
قاله في مسألة رجال من الموالي يأخذون صبيانا من صبيان العرب تصيبهم السنة فيكفلون لهم أبناءهم ويربونهم فتكون فيهم الجارية.
وذكر ابن حبيب المسألة على خلاف ما وقعت في المدونة، فقال: فتكون فيهم الجارية قد مات أبوها وغاب أهلها، فإن الذي كفلها ورباها أولى بعقد نكاحها يريد من ولاتها، فأنزله بمنزلة الوصي وذلك نحو ما في كتاب القسمة من المدونة ورواية ابن غانم عن مالك، ومثله لابن كنانة، سئل: عن يتيم صغير له إخوة أكابروهم الذين يلونه وينفقون عليه فزوجوه ابنة عم له، قال: ذلك يلزمه إذا كانوا هم الذين يلونه وينفقون عليه، وقال ابن القاسم: لا يلزمه ولا يتوارثان، ولا يجوز على الصبي إلا نكاح أبيه أو وصيه، وبالله التوفيق.

.مسألة تصدق بصدقة أوحبس حبسا من دار أو دور فسكن بعضها وأسلم بقيتها:

قال: وكل من تصدق بصدقة أو حبس حبسا من دار أو دور فسكن بعضها وأسلم بقيتها أو كان يليها لمن تصدق عليه بها أو حبس إذا كانوا على ما وصفت لك ممن يحوز له المتصدق أو المحبس فيحوز ذلك لهم، فإن كان الذي سكن من الدار الشيء التافه فيما حبس أو تصدق مثل الدار ذات المنازل وكثرة المرافق فسكن منها ما لا خطب له فيها لقلته وصغر شأنه جاز له ما سكن وما لم يسكن، وإن كان ذلك الذي سكنه له بال في الدار وقدر، وهو جل ذلك وأكثره لم يجز ذلك وكانت صدقة لم تقبض؛ لأن التافه اليسير إذا سكنه وأفرز بقيتها فقد أسلمها وكان ما بقي في يديه تبعا لها؛ لأنه قد أسلم جلها وعضمها وما لا خطب لمن احتبس منها معه، فلما كان ما احتبس وسكن تبعا كان ذلك كله جائزا.
وإن كان الذي احتبس وسكن أكثره وجله وأسلم أدناها وأقلها كان الذي فرز من ذلك تبعا للذي هو أكثر فكان بمنزلة من لم يسلم ولم يحز عنه، وإن كانت الصدقة أو الحبس دورا وكان الولد صغارا فسكن منها دارا فإنه ينظر في ذلك على ما وصفت لك في الدار ذات المنازل.
فإن كانت هذه الدار من الدور هي جل تلك الدور في القدر والثمن لم يجز ذلك الحبس، لا الدار التي سكن ولا الدور التي لم يسكن فإن كانت تلك الدار التي سكن ليست عضم ذلك في القدر ولا جله وإنما هي تبع فيما حبس جاز حبس تلك الدور كلها ما سكن وما لم يسكن.
وإن كان الولد الذين حبس عليهم تلك الدور كبارا مرضيين فكانت تلك الدار التي سكن أعظم تلك الدور كلها لم يجز تلك الدار وجازت بقية الدور إذا كان الكبار قد حازوها، وإن كانت تافهة جازت الدور كلها إذا كانوا قد حازوا الدور وإن لم يحوزوا الدور لم تجز الدار ولا الدور.
قال محمد بن رشد: قوله وإن كان الذي احتبس وسكن أكثره وجله وأسلم أدناها وأقلها كان الذي أفرز من ذلك تبعا للذي هو أكثر، فكان بمنزلة من لم يسلم ولم يحز عنه.
وهو مثل قوله في آخر كتاب الرهون من المدونة في بعض الروايات: إن الدار الواحدة إذا سكن المحبس أكثرها فسواء حاز البقية منها هو للصغار أو حازه الكبار لأنفسهم يبطل جميعها خلاف ما حكى ابن حبيب في الواضحة عن ابن القاسم وأصبغ من أن الأب إذا سكن أكثر الدار وحاز الولد الكبار لأنفسهم بقيتها جاز لهم ما حازوه منها، بخلاف إذا حاز الأب للصغار كالدور الكثيرة إذا سكن الأب أكثرها وحاز الكبار بقيتها جاز لهم ما حازوه منها بخلاف إذا حازه الأب للصغار.
فعلى ما حكى ابن حبيب في الواضحة عن ابن القاسم وأصبغ لا خلاف في هذا بين الدار والدور، وعلى ما في هذه الرواية وفي المدونة فرق في هذا بين الدار والدور فحصل الاختلاف من هذا الموضع في الدار الواحدة لا في الدور، وأصبغ لا يراعي التبع من غير التبع في الدور ويرى الحكم فيها وإن كانت محبسة في صفقة واحدة بمنزلة إذا حبس كل دار منها على حدة. وقد مضى بيان القول في هذه المسألة في أول رسم من سماع ابن القاسم فلا معنى لإعادته.

.مسألة انقطع من البلد الذي حبس عليه فيها وكانت سكنى:

قال: وأما ما يبدأ به أهل الحبس بعضهم على بعض من غلة أو سكنى إذا كانوا جميعا محبسين عليهم. فإن ذلك ليس يكون على كثرة العدد، وإنما المبدأ بها والمقدم فيما كان من سكنى أو غلة أهل الحاجة، حيث كانوا بهم يبدأ وإياهم يؤثر، وليس يقسم ذلك بينهم أيضا على عددهم ولكن على كثرة عيال أحدهم إن كان سكنى فعلى عظم مؤنته وخفة مؤنته على قدر ما يتبع كل واحد منهم من قدره وقدر عياله، والقسم إن كانت غلة على قدر حاجتهم، وأعظمهم فيها حظا أشدهم فاقة وأظهر حاجة، فإذا سدت حاجتهم وفضل عنهم فضل رد على الأغنياء فسكن كل واحد منهم قدر ماله وكثره حاجته.
وليس العزب الفرد كالمتأهل المعيل، والحاضر أولى بالسكنى من الغائب، والغلة بين الحاضر والغائب سواء، والمحتاج الغائب أولى من الغني الحاضر.
وذلك على الاجتهاد على ما وصفت لك على ما يرى واليها والناظر فيها، ولا يخرج أحد من مسكن كان يسكنه، ومن انقطع من البلد الذي حبس عليه فيها وكانت سكنى ولم تكن غلة كان من أقام أولى منه إذا كان سكناه البلد التي خرج إليها سكنى انقطاع، وإن قدم منها لم يخرج له غيره، وإن كان القادم أحوج منه؛ لأنه لم يسكنه الذي هو فيه على وجه الضرورة، وإنما مسكنه حيث تركه القادم وانقطع عنه، ولو لم يخرج كان أولى بالمسكن ممن هو فيه وكان لا يدخل عليه وهو حاضر معه؛ لأنه أحوج، وإن لم يكن في الدار سعة.
وكذلك إذا سكن الغني وانقطع المحتاج ثم قدم لم يخرج الغني له؛ لأنه لم يدخل عليه ولكنه سكن بها حيث لم يكن أحد أولى بها منه، ومن مات منهم رجع حصته على أصحابه لأنه حبس عليهم جميعا حتى ينقرضوا فيصير آخرها إلى ما صيرها إليه صاحبها من سبيل الله أو غير ذلك مما سمى وشرط، وإن كان الخارج منها لم يخرج خروج انقطاع وإنما خرج لبعض ما يخرج الناس إليه من أسفارهم ثم رجع إلى بلده كان بمنزلة الحاضر من أهل الحبس.
قال محمد بن رشد: كل ما ذكره ابن القاسم في هذه المسألة من وجه قسم الحبس المعقب في السكنى والغلة هو المنصوص له المعلوم من مذهبه، وابن الماجشون يخالف في ذلك ما حكاه عنه ابن المواز، فيرى أنه لا يفضل الفقير على الغني في الحبس المعقب، كما لا يفضل في الحبس على المعينين، ويؤخذ من مذهب ابن القاسم في مسائله ما يستقرأ منه مثل قول ابن الماجشون.
وقد مضى بيان ذلك كله في آخر أول رسم من سماع ابن القاسم وفي رسم البز منه، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.

.مسألة الوصي يتصدق على أحد ممن يليه وهو في حجره:

قال: وكل وصي رجل كان أو امرأة- تصدق على أحد ممن يليه وهو في حجره فحوزه له حوز بمنزلة الأب في ابنه على ما فسرت لك ووصفت.
قال محمد بن رشد: هذا ما لا اختلاف فيه من أن الوصي في الحوز على من يلي ممن إلى نظره بمنزلة الأب سواء.
وإنما الاختلاف هل ينزل منزلته في ذلك سواه من قريب أو حاضر حسبما مضى القول فيه قبل هذا في هذا الرسم، وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.

.مسألة الدار الحبس على قبيلة فيأتي رجل منهم فيبني فيها الحوانيت والبيوت:

ومن كتاب أوله حمل صبيا على دابة:
قال ابن القاسم: في الدار الحبس على قبيلة فيأتي رجل منهم فيبني فيها الحوانيت والبيوت للغلة والسكنى.
قال ابن القاسم: أما السكنى فمن سكن منهم فهو أولى بما سكن مما يكفيه ولا يدخل عليه غيره.
وأما ما بنى للغلة فينبغي أن يقاضي نفسه بما يستوفي من الخراج، فيتقاضى من الخراج ما أنفق في البنيان، فإذا تقاضى ما أنفق في البنيان فالكراء بعد ذلك لجميع من حبس عليه حاضرهم وغائبهم، ويؤثر بذلك أهل الحاجة منهم والمسكنة.
فإن بقي بعد ذلك شيء قسم بين الأغنياء، فإن جاء رجل فأراد أن يدخل مع الذي بنى في الغلة فإنه يغرم للذي بنى نصف ما بقي له من حقه ويدخل معه فيه فيكون في يديه نصف ما بقي للغلة يأخذ غلتها ويقاص نفسه حتى يستوفي حقه، فإذا استوفى حقه كانت الغلة بين من حسبت عليه على ما وصفت لك. فهذا وجه الحبس.
فإن كانت القاعة لا كراء لها قبل البناء، قال: نعم وإن كانت القاعة لا كراء لها قبل ذلك فإن غلة الحوانيت والدور التي بنى بها يقاص بها نفسه من يوم أخذ لها غلة جاءه أحد أو لم يجئه.
قال محمد بن رشد: قوله في هذه المسألة فيكون في يديه نصف ما بقي للغلة، صوابه: فيكون في يديه نصف ما بنى للغلة وكذلك في بعض الرواية. وهي مسألة بينة لا إشكال فيها ولا التباس في شيء من معانيها.
وقال ابن دحون: إنه يدخل فيها جميع الاختلاف الذي في الرحا تخرب فيبنيها بعض أهلها والبير تتهور فيصلحها بعض أهلها. ولا يدخل فيه جميع ذلك الاختلاف كما ذكره. وإنما يدخل فيها أكثره فيدخل فيها من ذلك الاختلاف القول بأن الغلة كذلك تكون للباني إلا أن يريد شريك أن يدخل معه فيها فيأتيه بما يجب عليه من النفقة التي أنفق أو من قيمتها على الاختلاف في ذلك. وهذا إذا أراد الدخول معه بحدثان ما بنى.
وأما إن لم يرد الدخول معه حتى بلي البنيان فلا يلزمه أن يدفع إليه إلا ما ينوبه من قيمة البنيان على حالته التي هو عليها من البلا قولا واحدا.
وقد مضى وجه العمل في ذلك في نوازل عيسى من كتاب السداد والأنهار، فإن كان للحبس كراء قبل أن يبنى فيه هذا البناء كان على الباني لإشراكه في الحبس ما يجب لهم من ذلك الكراء، ولا اختلاف في هذا، وإن كان لم يكن للحبس كراء قبل أن يبني.
فيدخل فيها الاختلاف الذي في الرحا الخربة يبنيها بعض الأشراك على هذا القول، هل يكون عليه فيها كراء أم لا؟ وقد مضى فيها توجيه هذا الاختلاف في النوازل المذكورة.
ولا يدخل في هذه المسألة قول محمد بن إبراهيم الذي في الرحا الخربة يبنيها بعض الأشراك إن الغلة تكون بينهم فيكون للعامل منها بقدر ما أنفق وبقدر ما كان له فيها قبل أن ينفق، والذي لم يعمل منها بقدر ما له من قاعتها؛ لأن الحبس ليس بملك للمحبس عليهم فيشتركون فيه على ما ذكره في الرحا الخربة بين الأشراك. وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.

.مسألة حبس في مرضه فقال على ولدي وولد ولدي وترك زوجه وأمه:

ومن كتاب القطعان:
قال يحيى: وسألت ابن القاسم عمن حبس في مرضه فقال على ولدي وولد ولدي وترك زوجه وأمه وغيرهم من الورثة، فقال: يقسم بين أعيان الولد وولد الولد ذكرهم وأنثاهم شرعا سواء على عددهم للذكر مثل حظ الأنثى، فما صار لولد الولد أسلم إليهم لأنهم ليسوا بورثة المحبس، فجازت الوصية لهم، وما كان من ولد الأعيان شركهم من ورث الميت المحبس من امرأة أو أم أو ولد أو غيرهم يقتسمون ذلك بينهم على قدر مواريثهم من فرائض الله.
وتفسير ذلك أنه إن كان ولد الولد أربعة وولد الأعيان ثلاثة قسم الحبس على سبعة أجزاء فأعطي ولد أربعة أجزاء، وأعطى ولد الأعيان ثلاثة أجزاء، ثم رجع جميع من ورث المحبس من أم أو ولد أو زوجة أو غيرهم فيقتسمون تلك الثلاثة الأجزاء على مواريثهم من الميت؛ لأنها وصية لوارث، ولا تجوز وصية لوارث.
غير أن ذلك يكون حبسا في أيديهم ولا يبيعون ولا يهبون حتى تنقطع أعيان الولد لأنه قد جعل مرجعه إلى غير وارث وهم ولد الولد، فإذا انقطع ولد الأعيان رجع جميع ذلك الحبس إلى ولد الولد، فإن مات أحد من ولد الأعيان أو ولد الولد رجع نصيبه على من بقي من ولد الأعيان وولد الولد فاقتسموه أيضا ثانية، فما صار لولد الولد أسلم إليهم وما صار لولد الأعيان دخل فيه جميع من ورث الميت من الأعيان وغيرهم، فيقتسمونه بينهم على قدر مواريثهم من الميت.
وتفسير ذلك أن الحبس قسم أولا على سبعة أجزاء فكان لأعيان الولد ثلاثة أجزاء، فقسمت تلك الثلاثة الأجزاء على جميع ورثة المحبس، فإذا مات واحد من ولد الأعيان وقسم سهمه الثانية فإنه يقسم سهمه ذلك الذي صار له من السبعة الأجزاء على ستة أجزاء، فيكون لولد الولد أربعة أجزاء ولولد الأعيان اثنان؛ لأنهما الآن اثنين، ثم يقسم الجزآن اللذان صارا لولد الأعيان على الميت من ولد الأعيان وعلى الباقين منهم وعلى جميع من ورث الميت المحبس فما كان للباقين أخذاه، وما صار للميت من أعيان الولد دفع إلى ورثته فاقتسموه بينهم على فرائض الله، يدخل فيه امرأته وأخته وأمه وجميع من يرثه فيستمتعون بذلك ما عاش واحد من أعيان الولد، ويضرب ولد هذا الميت من أعيان الولد في هذا السهم الذي مات عنه أبوه بسهمين، سهم مع المحبس عليهم من ولد الولد وولد الأعيان، وسهم مع ورثة أبيه الميت فيما صار لأبيه من السهمين اللذين صارا لولد الأعيان حين قسم على ورثة المحبس.
فإن مات أحد من ورثة المحبس من غير ولد الأعيان أو واحد من ورثة الابن الميت من أعيان الولد.
فإن مات منهم فسهمه بين من يرثه من أهل ميراثه من أم أو زوجة أو غيرهم على فرائض الله لا يدخل فيه غيرهم، ولا تنتقض القسمة بموت من مات منهم لأنهم ليسوا ممن حبس عليهم.
فإن مات أحد من ولد الأعيان فإن سهمه لا يرثه ورثته وإنما يرجع على من حبس عليه معه، فإذا مات على ما وصفت لك، وولد الأعيان ثلاثة وكان ولد الولد أربعة فمات منهم هذا الواحد وصاروا ثلاثة فإن سهمه الذي صار له من السبعة الأجزاء يقسم على ستة أجزاء فيعطي ولد الولد ثلاثة وولد الأعيان ثلاثة، فما صار لولد الأعيان دخل فيه جميع من ورث المحبس ميتا كان أو حيا فاقتسموه على فرائض الله، فما صار للأحياء من ورثته أخذوه، وما صار للميت من ورثته دفع إلى ورثة الميت فاقتسموه بينهم على مواريثهم منه.
وكل ما ولد لولد الولد أو ولد الأعيان الولد فإن القسمة تنتقض وتقسم على عدد ولد الولد وولد الأعيان قلوا أو كثروا ولو لم يبق من أعيان الولد إلا واحد وقد صار ولد الولد عشرة فإن الحبس يقسم على أحد عشر فيكون للباقي من ولد الأعيان جزء، ولولد الولد عشرة أجزاء.
فعلى هذا يقسم الحبس أبدا على ما فسرت لك، ولا تنتقض القسمة بموت من مات من أعيان الولد ولا من ولد الولد، وإنما يقسم سهمه قط على ما فسرت لك.
وليست تنتقض القسمة إلا إذا زاد ولد الولد فإنها تنتقض وتقسم ثانية على من زاد وعلى من هو في الحبس ممن هو حي، فما صار لمن بقي من أعيان الولد دخل في ذلك جميع من ورث المحبس ميتهم وحيهم فما صار للحي منهم دفع إليه، وما صار للميت دفع إلى ورثته، وورثته ورثته على ما ينوبهم فيه، فإذا مات جميع ولد الأعيان سقط هؤلاء كلهم، ورجع الحبس كله إلى ولد الولد أو إلى أقرب الناس بالمحبس من عصبته إن لم يبق أحد من أعيان الولد ولا من ولد الولد.
وسئل: عنها سحنون، فقيل له: الرجل يحبس على ولده وولد ولده وله أم وزوجة هلكوا؟ قال: هذه من حسان المسائل وقل من يعرفها، وأصلها في كتاب ابن القاسم في غير موضع، فهي في بعض الكتب خطأ وفي بعضها صواب والصواب فيها أنه ينظر كم ولده وولد ولده؟ فإن يكن ولده ثلاثة وولد ولده ثلاثة وحالهم واحدة قسمت الحبس على ستة أسهم، فلولد الولد ثلاثة أسهم، وهو النصف، ولولد الأعيان النصف، ثم يقسم نصيب الأعيان على فرائض الله، فتأخذ الأم السدس والزوجة الثمن ويكون ما بقي لولد الأعيان فإن انقرض ولد الولد قبل ولد الأعيان رجع ما كان في أيديهم إلى أقرب الناس بالمحبس وهم ولد الأعيان فكان في أيديهم على سنة الحبس، وليس للأم ولا للزوجة فيه شيء؛ لأن وصية الميت نفذت لهم وسقطت المحاباة؛ فإذا انقرضوا رجع ما كان في أيديهم ويد الأم والزوجة إلى أولي الناس بالمحبس الأول، وإن مات واحد من ولد الأعيان أخذ ما في يديه فاقتسم على فرائض الله، فللأم سدسه، وللزوجة ثمنه، ولولد الأعيان ما بقي. فإن هلك الثاني أخذت الأم مما في يديه سدسه، وللزوجة ثمنه.
وإن هلك الثالث نزع ما في يد الأم والزوجة وما كان في يد الولد ورجع إلى أولى الناس بالمحبس وإنما يقاسم الأم والزوجة ولد الأعيان إذا هلك الأول وبقي اثنان.
وإذا هلك الثاني وبقي واحد أخذ ما في أيديهم من النصف الأول الذي صار لهم، وأما ما رجع إليهم من حق ولد الولد فإن ذلك لا تدخل فيه الأم والزوجة لأن ذلك مما يرجع إليهم من وصية قد أنفذت لوجهها ولم يكن فيها محاباة لوارث.
ألا ترى لو أن رجلا أوصى لولد ولده بدار حبس عليهم وله ولد لصلبه وأم وزوجة لكانت نافذة لهم لأنهم غير ورثة ولم يكن للزوجة فيها وصية مقال ولا للأم، فلو هلكوا كلهم ولد الولد رجع كل ما بأيديهم إلى أولى الناس بالمحبس وهو ولده لصلبه ولم يكن للأم ولا للزوجة مقال.
ألا ترى أنه لو أوصى لولد ولده بثلث ماله وصية لهم يكون لهم مال ويأكلونه وينتفعون به وله ولد وأم وزوجة لكانت وصية جائزة لهم لأنهم غير ورثة، ولم يكن للأم ولا للزوجة كلام، ولو هلك ولد الولد لكان ما كان لهم مما أوصى به جدهم لهم ميراثا لولده لصلبه، ولم يكن للزوجة ولا للأم كلام. وقد فسرتها لك وجها وجها، وهي من حسان المسائل.
وقد قيل: إن مات ولد الولد وبقي ولد الأعيان أو واحد من ولد الأعيان فإن نصيبهم الذي كان لهم يرجع إلى ولده لصلبه.
وكذلك الواحد منهم يقسم نصيبه على من بقي من ولد الولد وولد الأعيان فما صار لولد الأعيان أحد قائم.
فإذا انقرض ولد الأعيان وقد كان صار إليهم ما كان لولد الولد كلهم أو ما صار إليهم من نصيب الواحد منهم مما أدخلنا في جميع ما رجع إليهم نصيب الزوجة والأم فإذا مات ولد الأعيان كلهم رجع ما في أيديهم ويد الزوجة إلي أولى الناس بالمحبس، وهذا الذي عليه أكثر الرواة، والله أعلم.
قال محمد بن رشد: الحبس في المرض على الولد وولد الولد وصية لوارث وغير وارث؛ لأن الولد ورثة، وولد الولد غير ورثة، وحكم الحبس على الولد وولد الولد أن يرجع حظ من مات منهم على بقيتهم.
فالوصية للوارت في هذا التحبيس تقل بموت من ولد الولد وتكثر بموت من يموت من ولد الولد ولسائر الورثة مع الولد أن يدخلوا عليهم فيما صار لهم من هذا الحبس قل أو كثر، فيكون بينهم على سبيل الميراث إذ لا تجوز وصية لوارث إلا أن يجيزها الورثة، فإن كان الولد ثلاثة وولد الولد أربعة على ما نزل المسألة عليه في الرواية فقسم الحبس بينهم أسباعا إن استوت حالتهم على المشهور من مذهب ابن القاسم أو استوت أو لم تستو على ظاهر هذه الرواية وهو مذهب ابن الماجشون على ما حكاه ابن المواز، وجب لسائر الورثة الدخول على الولد في الثلاثة الأسباع، على سبيل الميراث.
وكذلك إن مات واحد من ولد الولد فقسم حظه من الحبس على بقيتهم يدخل سائر الورثة أيضا على الولد فيما نابهم، من حظ الميت فيكون بينهم على سبيل الميراث.
وكذلك إن مات الثاني من ولد الولد ثم الثالث ثم الرابع، كلما مات منهم ميت يدخل سائر الورثة فيما ناب الولد من حظ الميت من ولد الولد، فإذا لم يبق من ولد الولد أحد رجع جميع الحبس ميراثا بين جميع الورثة، ومن مات منهم كان حظه لورثته ما بقي من الولد أحد.
فإذا انقرض جميعهم بموت آخرهم رجع الحبس كله إلى أقرب الناس بالمحبس حبسا وسقط منه حق جميع الورثة وورثة الورثة.
وأما إن مات من الولد أحد قبل موت ولد الولد وقد كان الحبس قسم أولا على سبعة أسهم، فحصل منه للولد ثلاثة أسهم أخذت منها الزوجة الثمن والأم السدس.
فقال في الرواية: إنه يقسم سهمه ذلك الذي صار له من السبعة الأجزاء على ستة أجزاء، فيكون لولد الولد أربعة أجزاء ولولد الأعيان جزآن؛ لأنهما الآن اثنان.
ثم يقسم الجزآن اللذان صارا لولد الأعيان على الميت من ولد الأعيان وعلى الباقين منهم وعلى جميع من ورث الميت المحبس.
فما كان للباقين أخذاه وما صار للميت من أعيان الولد دفع إلى ورثته فاقتسموه بينهم على فرائض الله يدخل فيه أمه وأخته وجميع من يرثه فيستمتعون بذلك ما عاش واحد من أعيان الولد.
وفي قوله: فيستمتعون بذلك ما عاش واحد من أعيان الولد- نظر، إذ لا يستمتعون بجميعه ما عاش واحد من أعيان الولد كما قال؛ لأنه إذا مات واحد من أعيان الولد بعد ذلك وجب أن يردوا مما صار لهم ما يجب لهم من ذلك لولد الولد، وإنما يستمتع كل من صار بيده من الورثة شيء من الحبس بجميع ما صار له ما بقي أحد من أعيان الولد إذا مات جميع ولد الولد يرجع جميع الحبس إلى الولد حسبما ذكرناه.
وقال ابن دحون: قوله إذا مات أحد ولد الأعيان فقسم حظه على من بقي من ولد الأعيان وعلى ولد الولد إن الجزأين اللذين صارا لولد الأعيان يقتسمان على الميت من ولد الأعيان وعلى الباقين منهم وعلى جميع الورثة غلط، بل يرد الورثة كل ما بأيديهم إلى الجزأين ويقتسمون ذلك على فرائض الله.
وإنما قال ابن دحون ذلك؛ لأنه تأول على ابن القاسم أن الواحد من ولد الأعيان إذا مات يؤخذ جميع ما بيده فيضاف إليه ثلث سدس الأم وثلث ثمن الزوجة فيصير سبعا تاما، ثم يقسم هذا السبع على ما ذكر في الرواية، ولذلك قال: إن قوله يقسم الجزآن غلط، بل يرد الورثة كل ما بأيديهم إلى الجزأين ويقتسمون ذلك على فرائض الله كما تأول أبو إسحاق التونسي على ما في المدونة، وهو تأويل خطأ تفسد به المسألة.
والصواب الذي يصح أن يحمل عليه ما في الرواية أن الواحد من ولد الأعيان إذا مات لا يؤخذ جميع ما في يديه، وإنما يؤخذ سهمه الذي صار له من السبعة الأجزاء حين قسم الحبس على ولد الأعيان وعلى ولد الولد مما بيده ومما بيد الباقين من ولد الأعيان ومما بيد الأم والزوجة؛ لأنه قد قسم ذلك عليهم أجمعين مع السبعين الآخرين اللذين كانا صارا لولدي الأعيان، فيأخذ مما بيد كل واحد منهم ثلثه؛ لأن ولد الأعيان ثلاثة فيكمل السبع على هذا ثم يقسم هذا السبع على الباقين من ولد الأعيان وعلى ولد الولد، فما ناب ولد الأعيان منه قسم على الميت من ولد الأعيان وعلى الباقين منهم وعلى الأم والزوجة، فما ناب الميت من ولد الأعيان كان لورثته مضافا إلى ما كان بقي بيد الميت موروثهم، وما ناب الباقين من ولد الأعيان والأم والزوجة كان لهم مضافا إلى ما كان بقي في أيديهم، فيتساوون على هذا في جميع ذلك على قدر مواريثهم كما يتساوون في بعض القسم على ما روى يحيى.
وفي رد الورثة كل ما بأيديهم إلى الجزأين واقتسام ذلك كله على جميع الورثة إذا أخذ جميع ما في يد الميت من ولد الأعيان على تأويلهما الفاسد والله الموفق للصواب برحمته.
وقول ابن القاسم إذا مات واحد من ولد الولد إن ما صار من حظه لولد الأعيان دخل فيه جميع من ورث المحبس ميتا كان أو حيا فاقتسموه على فرائض الله... إلى آخر قوله.
هو خلاف مذهب سحنون في أن ما صار لأعيان الولد من قبل ولد الولد لا يدخل فيه الورثة؛ لأنه إنما يصير إليه بمرجع الحبس لا بالوصية، وقد قيل: إن سحنون إنما يقول ذلك إذا مات جميع ولد الولد.
وأما إذا مات واحد منهم فيدخل الورثة فيما صار إلى ولد الأعيان من قبله، والرواية عنه منصوصة بخلاف ذلك أن الورثة لا يدخلون فيما صار لأعيان الولد من قبلهم مات جميعهم أو واحد منهم.
وقوله في هذه الرواية: إن القسمة لا تنتقض بموت من مات من ولد الأعيان ولا من ولد الولد وإنما يقسم حظه فقط، معناه: إذا كان ينقسم- خلاف ظاهر ما في سماع يحيى من أن القسمة كلها تنتقض كما إذا زاد ولد الولد، وأما إذا لم ينقسم حظ من مات من الولد أو ولد الولد على من بقي منهم فلا اختلاف في أن القسمة كلها تنتقض من أصلها كما إذا زاد ولد الولد، ورواية يحيى في أن القسمة تنتقض بموت من مات منهم ليست بمخالفة لهذه الرواية فيما تخرجه القسمة لكل واحد منهم في القلة والكثرة إذا لم تنقض، فليست بمخالفة لها إلا في صفة العمل. ورواية يحيى أولى لما في ترك نقض القسمة من التشغيب والعناء مما لا يؤدي إلى معنى.
وقول سحنون والصواب أن ينظركم ولده وولد ولده، فإن يكن ولد ولده ثلاثة وحالهم واحدة قسمت الحبس على ستة أسهم.
قيل: إنه تفسير لقول ابن القاسم.
وقيل: إنه خلاف له، إذ قال: إن الحبس يقسم على عددهم ولم يشترط تساوي أحوالهم.
وقد قيل: إن ابن القاسم فرق بين التحبيس في المرض لما كان بمعنى الوصية فرأى ألا يفضل فقيرهم على غنيهم، بخلاف من حبس في صحته، واتفقا جميعا أعني ابن القاسم وسحنون على ألا يفضل في هذه المسألة الولد على ولد الولد.
وذلك خلاف ما في المدونة من قول ابن القاسم وروايته عن مالك مثل قول المخزومي وغيره في قوله: وكان المغيرة وغيره يستوي بينهم.
وقد مضى تحصيل الاختلاف في هذا في أول رسم من سماع ابن القاسم فلا معنى لإعادته.
وقول سحنون: فإذا انقرض ولد الولد قبل ولد الأعيان يريد أو واحد منهم على ما قاله في غير هذا الكتاب- رجع ما كان في أيديهم إلى أقرب الناس بالمحبس وهم ولده الأعيان فكان في أيديهم على سنة الحبس، وليس للأم ولا للزوجة فيه شيء؛ لأن وصية الميت نفذت لهم وسقطت المحاباة، ليس بصحيح وهو غلط بين؛ لأنه إنما يرجع إلى من معه في الحبس، وإنما يرجع الحبس إلى أقرب الناس بالمحبس إذا انقرض المحبس عليهم كلهم.
فأما ما بقي منهم قوم فذلك راجع إليهم على جهة الوصية التي لهم لا على جهة أنهم أقرب الناس بالمحبس.
وإذا كان هذا هكذا فالأم والزوجة يدخلان فيما رجع إلى ولد الأعيان من قبل ولد الولد وإن انقرضوا كلهم لأنها وصية رجعت إليهم.
وقال ابن أبي زيد في المختصر: إنما قال سحنون: إن الأم والزوجة لا يدخلان فيما رجع إلى الولد من قبل ولد الولد إذا ماتوا كلهم، فأما في موت واحد منهم فتدخل الأم والزوجة فيما يصيب ولد الأعيان من نصيب ولد الولد في قول جميعهم؛ لأن أسباب المواريث قائمة بينهم. وكذلك تأول عليه ابن دحون.
وهو تأويل لا يعضده نظر، ويرده أيضا الرواية الموجودة عن سحنون بأن الواحد منهم إذا مات فلا تدخل الأم والزوجة فيما رجع من حظه إلى ولد الأعيان.
وقول سحنون في الرواية: وإن مات واحد من ولد الأعيان، يريد: إن مات بعد انقراض ولد الولد أخذ ما في يديه، يريد: جميع السدس الذي صار له أولا من الحبس حين قسم على الولد وولد الولد فاقتسم على فرائض الله، فللأم سدسه وللزوجة ثمنه، يريد: وقد أخذتا ذلك فلا يسترد من عندهما ولد الأعيان ما بقي، يريد: مما صار له بالميراث خاصة دون ما صار له من رجوع الحبس من قبل ولد الولد، فالذي صار إليه بالميراث هو الذي يقسم على ورثته.
وأما ما صار إليه بالرجوع عن ولد الولد فإنما يرجع إلى أخيه، فإن لم يكن له أخ رجع إلى أقرب الناس بالمحبس على مذهب سحنون، وهو غلط على ما بيناه.
وقوله فإن هلك الثاني أخذت الأم مما في يديه سدسه غلط؛ لأنه إنما تأخذ الثلث إلى أن يموت هذا الثاني عن ولد الولد.
وقول سحنون: وإنما يقاسم الأم والزوجة ولد الأعيان إذا هلك الأول وبقي اثنان وإذا هلك الثاني وبقي واحد صحيح.
وقوله بعد ذلك: أخذ ما في أيديهم، يريد: فإذا هلك ذلك الواحد الذي بقي أخذ ما في أيديهم من النصف الذي صار لهم، يريد: أنه يؤخذ منهم فيكون ميراثا عن المحبس لورثته وورثة من مات من ورثته.
وأما قوله: وأما ما رجع إليهم من حق ولد الولد فإن ذلك لا يدخل فيه الأم والزوجة؛ لأن ذلك مما رجع إليهم من وصية قد أنفذت لوجهها ولم يكن فيها محاباة لوارث... إلى آخر قوله.
فقد بينا وجه الغلط فيه وأن قول ابن القاسم: إن الزوجة والأم يدخلان فيه- هو الصحيح؛ لأنه وصية لوارث؛ إذ لم ترجع إليهم بمرجع الأحباس وإنما رجع إليهم بحكم تحبيس المحبس عليهم.
وقع في النوادر قال سحنون في العتبية: وإذا انقرض ولد الولد وصار ما بأيديهم لولد الأعيان ثم مات واحد منهم فتأخذ الأم والزوجة ميراثهما مما في يديه من السدس الذي أخذ أولا مما دار إليه عن ولد الولد فما بقي قسم بين ولدي الأعيان.
قال أبو محمد: ينبغي أن يكون والله أعلم إنما أخذ أولا هذا السدس بالميراث فعند الأم سدسه وعند الزوجة ثمنه فلا يرد من عندهما لانقراض ولد الولد الذين لهم في ذلك حجة ولكن يقسم ما بيده من بقية ذلك السدس على ورثته، لأمه سدسه ولزوجته حقها الربع ولبقية ورثته ما بقي، فإن كان إخوته هذين فهو لهما، وأما ما بيده على ولد الولد وهو سدس ثان فهو كسبيل الأحباس عنده في رواية العتبي لا شيء لورثته فيه ويرد إلى أولى الناس بالمحبس وهما أخوا هذا الميت بينهما بنصفين. كما وقع قول سحنون في النوادر، وهو يبين قوله في الكتاب ففيه لبس. وقول ابن أبي زيد مفسر لقول سحنون لا خلاف له، إن شاء الله.
وقوله في آخر المسألة: وقد قيل: إذا مات ولد الولد وبقي ولد الأعيان هو قول ابن القاسم. وقد تقدم وجه تصحيحه فلم يأت سحنون في هذه المسألة بشيء؛ لأنه أخطأ فيما خالف فيه ابن القاسم وأتى في تفسيره بكلام غير بين ولا مستقيم يفتقر إلى ما بيناه به من التفسير، وبالله التوفيق.